توصيف الحالة اللبنانيّة الراهنة

يمرّ بلدنا حاليًّا بتحوّلات هامّة وبنيانيّة بعضها داخليّ وبعضها خاضع لتحوّلات إقليميّة ودوليّة تؤدّي في معظم الحالات إلى تأثير مباشر على وضعنا الاقتصادي والاجتماعي. ولبنان إذ يواجه تحدّيات اقتصاد عالمي متحرّك بسرعة فائقة، يلقى صعوبات في تلقّف الفرص المتاحة وفي تكييف نظامه القضائي وقوانينه لمواكبة التحوّلات الإقليميّة، وذلك بسبب تخاذل الدولة والصراعات الداخليّة.

  • الأحزاب السياسيّة في وضع انحدار وثمّة شعور متزايد بين الناس بأنّ الأحزاب التقليديّة لم تعد تتماشى مع تطلّعاتهم إلى الديمقراطيّة وإلى إدارة شؤون الدولة. وهذا الشعور قائم أيضًا بالنسبة إلى النقابات والاتحادات المهنيّة.
  • الاقتصاد الذي كان مزدهرًا حتى في أزمنة الحروب وما بعدها هو الآن غارق في أزمة عميقة وفوضى عارمة. وتطالعنا المؤشّرات بأرقام تدعو إلى القلق:
    • من حيث الفساد: يشغل لبنان المرتبة 149/180 في العالم العربي.
    • وعلى صعيد النموّ: 1% في أفضل الحالات إن لم يكن تحت الصفر.
    • وكالات التصنيف العالميّة آخذة في تخفيض ائتمان البلد السياديّ.
    • نسبة البطالة: رسميًّا: 37% والنسبة أكثر من 45% لدى الشباب.
    • هناك أكثر من 300 ألف موظّف في القطاع العام، أعلى نسبة في العالم قياسًا بعدد السكّان.
    • المديونيّة قياسًا بإجمالي الناتج المحلّي : 170%
    • دعم عجز الكهرباء: 14،5 مليار دولار أميركي من 2011 إلى 2018
    • نسبة اللاجئين: 40% من السكّان: عبء ثقيل على الاقتصاد والخدمات (المستشفيات والمدارس) وعلى البنى التحتيّة وفرص العمل.
    • عقود من الصراعات الداخليّة والخارجيّة والنزاع الطائفيّ والمذهبيّ مضافة إلى تقصير الدولة، أوقعت الاقتصاد اللبناني تحت تراكم من القدرات الاقتصاديّة الضائعة والفرص المهدورة.
    • ثمّة إجماع على اعتبار عبء الدين العام، الذي بلغ عتبة المائة مليار دولار، المصدر الرئيسي لانعدام الاستقرار الماليّ. فغياب الرؤية والتخطيط والاستراتيجيّات الناجعة للحدّ من دوّامة الدَّين، يحول دون النموّ الاقتصادي ويعيق الخطوات الفعليّة اللازمة لتغيير المسار من اقتصاد غير منتج قائم حصريًّا على الهندسة الماليّة إلى اقتصاد تنافسيّ وإنتاجيّ حقيقيّ.
    • النظام المتبع لإدارة الدين العامّ لا يمكنه أن يساند المزيد من النموّ السلبيّ والأعباء المترتبة عليه. فالسبيل الوحيد لجذب أموال “سيدر” وأيّة استثمارات أجنبيّة مباشرة، يكمن في تطبيق إصلاحات هيكليّة وبناء زخم إيجابيّ على المدى الطويل.
  • التفاوت في الأحوال الاجتماعية إلى ازدياد. فالطبقة الوسطى التي كانت تشكّل عصب الاقتصاد الحيّ، آخذة في التلاشي فيما الفقراء يزدادون فقرًا والأثرياء يراكمون الثروات (المؤشّر 1% من مجمل السكّان).
  • مؤسسات الدولة والحكومة تتعرّض لأزمة بنيانيّة منها: توخّي الإجماع، التوترات السياسيّة، انعدام الكفاءة، سوء الإدارة، الفساد، غياب الرؤية، والصعوبات التي تحول دون تشكيل حكومة متجانسة كما صعوبة وضع موازنة عامّة، وأعباء الدين العام (معظم النفقات تذهب لتغطية العجز ورواتب موظّفي القطاع العام ودعم الكهرباء).
  • تشهد بيروت ومعظم المدن ضغوطًا ديموغرافيّة شديدة بسبب الهجرة من الريف بحثًا عن فرص عمل. وفيما تتوسّع المدينة على حساب مساحات مجاورة كانت في الماضي القريب من الأرياف، نجد هذه الأحياء الجديدة مفتقرة إلى الخدمات والبنى التحتيّة من طرق ونقل عام ومدارس ومستشفيات. وهذا أمر يلقي على المدن أعباءً ثقيلة.